السلسلة التوثيقية
شخصيات من مقرات و ابو حمد
في دار الرباطاب بالسودان ( 16 )
هاشم عبد الله احمد يوسف
atmoorsudan.blogspot.com
حول مقال استاذ الأجيال هاشم القاضي
.......موسى ابو حجل بطل كربكان.......
———————————————-
طالعت على صفحات التواصل الاجتماعي مقالا لأستاذ الأجيال الراحل المقيم هاشم عبد الله احمد يوسف و عنوان المقال (موسى ابوحجل بطل كربكان ).
و يعد أستاذ الأجيال هاشم القاضي - من ابناء مقرات و ابو حمد - من رواد التعليم بدار الرباطاب بالسودان، فبجانب كونه عمل معلما و مشرفا تربويا و مديرًا للتعليم في عدد من ادارات التعليم في مناطق السودان المختلفة ، فهو من كتاب التاريخ المجيدين و من مؤلفي كتب الأطفال و من المثقفين المشهود لهم بحب القراءة و الاطلاع و اقتناء أمهات الكتب و شاهد ذلك مكتبته العامرة بداره العامرة برأس الجزيرة مقرات الجنوبي.
فاذكر زرناه يوما في منزله العامر بمقرات برفقة أخي الأستاذ هاشم الرفاعي علي مصطفى - سمي هاشم تيمنا بأستاذ الجيل هاشم القاضي- و بعد أن أكرم وفادتنا قدم هدية لأخي هاشم الرفاعي كتابا قيما نسخة أصلية: كتاب السودان عبر القرون لمكي شبيكة.
و اما موقعة الكربكان موضوع المقال فجرت أحداثها في 10 فبراير 1885م و قاد جيش الأنصار الملك موسى أبو حجل و معه ملك المناصير النعمان ود قمر و انتصر فيها جيش الإنجليز لتفوق السلاح الناري و قتل فيها القائد الإنجليزي ايرل و عرفت بحرب النهر .
و اشار كاتب المقال الاستاذ هاشم القاضي الى انه بالرغم من تفوق الجيش الإنجليزي في العدة و العتاد: " كان عدد القتلى من الجيش الانجليزي كبيرا دفنوا تحت الجبل في مكان يسمى الصنابة لكثرة ما عليه من صلبان على قبور الخواجات".
و شهد المراسلون الأجانب بجسارة و بسالة و شجاعة المحاربين في جيش الانصار من قبيلتي الرباطاب و المناصير تحت قيادة البطل موسى ابو حجل.
و قد أقام الإنجليز النصب التذكاري للميجور جنرال وليام إيرل في مسقط رأسه في ليفربول تخليدا لذكراه في الوقت الذي عجزت فيه الحكومة السودانية السابقة عن جمع رفات شهداء معركة الكربكان في مكان امن بعد ان غمرت مياه سد مروي منطقة جبل موسى موقع المعركة.
و من الذين كتبوا ووثقوا لهذه المعركة التاريخية مراسل النيويورك تابمز، و ونستون تشرشل ( حرب النهر ) و عبد المحمود أبو شامة ( من ابا إلى تسلهاي حروب في حياة المهدي)، و ايضا روبن نيللاند (حروب الدراويش) ترجمة الدكتورعبد القادر عبد الرحمن.
إلا ان هذه المعركة لم تأخذ حظها من الكتابة و النشر حتى يتبين الدور البطولي لأبناء الرباطاب و المناصير في هذه المعركة .
و قد تركزت معظم كتابات المؤرخين عن مجريات الأحداث و وقائع المعركة الميدانية و لم تشر معظم هذه الكتابات إلى السيرة الذاتية لملوك الرباطاب و المناصير و للأهمية التاريخية لهذه المناطق و لتفاصيل تحالف أبناء الرباطاب و المناصير و إصرارهم على مواجهة الجيش الإنجليزي في الكربكان و لمخالفتهم لأوامر الخليفة عبد الله التعايشي الذي أمرهم بسحب قواتهم إلى بربر إلا أنهم اثروا الشهادة بدلا عن الانسحاب وذلك دفاعا عن منطقتهم و عن بلادهم.
و لابد من الإشارة الى اننا في دار الرباطاب و المناصير لم نكتب عن تاريخ مناطقنا بانفسنا و هذا ما وضعنا في دائرة الهامش و الظل الامر الذي حرم هذه المناطق من حقوقها في التنمية و التطور و بالتالي لم تهتم كل الحكومات التي تعاقبت على حكم السودان بمناطقنا فمن واجبنا المطالبة بحقوقنا و التوثيق لتاريخنا و من ثم إعادة كتابته من جديد.
فأستاذ الأجيال هاشم القاضي من القلائل من ابناء المنطقة الذين كتبوا عن تاريخ معركة الكربكان و من خلال هذا المقال وقفنا على جانب من حياة البطل موسى ابو حجل:
" نشأ البطل موسى ابو حجل - استشهد في معركة الكربكان - وترعرع في بلاد الرباطاب تحت رعاية والده محمد ابو حجل و أخوانه الارباب زيدان - استشهد في معركة ابو حمد - ، سليمان، عثمان، ابراهيم، دقرشاوي، محمد، رحمة، وعلي. و فتح موسى عينيه علي جياد الخيل والسيوف الدكريه ولما بلغ سن السابعة أرسله والده لخلوه ام راو في بلاد العتمور وحفظ الكثير من القرآن وتعلم فنون الفروسية والقتال ثم مضى ينشد العلم الكثير عند محمد الخير العالم الشهير ببربر فوجد محمد الخير سائراً للقاء الإمام المهدي لياخذ البيعه منه فرجع موسى لبلدته ليصطحب والده واهله للبيعه فبايعوا الإمام المهدي ومكث موسى في امدرمان ما شاء الله له ان يمكث ورجع لبلده وتزوج وقبل أن يكمل سنته استدعاه الأمير محمد الخير وكان معجبا بشجاعته وذكاءه وطلب منه أن يقود الانصار لملاقاة الجيش الذي تحركت بواكيره من دنقلا قاصدا امدرمان العاصمة تحرك موسى عبر بلاد الرباطاب من خور الشعير - مقتبس من المقال بتصرف".
فأستاذ الأجيال هاشم القاضي لم يؤرخ للبطل موسى ابو حجل فحسب بل غطى هذا المقال جوانب تاريخية مهمة للباحثين عن تاريخ منطقة الرباطاب عامة و منطقة وسط الرباطاب خاصة و عرفت في التاريخ " منطقة عيال الوسطى " و يقصد بها بلدة عتمور مركز عمودية عتمور في دار الرباطاب بالسودان. و تعتبر منطقة وسط الرباطاب هذه من اقدم المناطق بدار الربا طاب و لقدم بلدانها سميت صحراء العتمور على بلدة عتمور " عيال الوسطى" و المعلوم ان اهل شمال السودان يسمون الصحاري باسماء اقدم بلدانهم فسميت صحراء بيوضة على بلدة بيوضة في شمالي السودان.
هذا و ربما كانت هذه المنطقة لها اهميتها و مكانتها التاريخية قديما بدليل وجود شواهد اثار لاهرامات و حفريات لبعثات التنفيب عن الاثار و لم يتم الاعلان عن نتائج هذه الكشوفات حتى الان. و ربما دلت نتائج هذه الأبحاث و الدراسات التاريخية على ان منطقة وسط الرباطاب كانت عاصمة لمملكة الأبواب التاريخية خاصة و ان الرباطاب هم ملوك و اصحاب ككر و طاقية كما اشار نعوم شقير في كتابه جغرافية و تاريخ السودان.
و يلاحظ ان معظم نتائج كشوفات و دراسات بعثات الاثار و التنقيب التي تمت في شمالي السودان لم يتم الاعلان عنها لأسباب غير معلومة بينما طمس مخطط قيام السدود الاثار الباقية في شمالي السودان و كمثال ما ترتب على قيام السد العالي منطقة حلفا و ما حولها و سد مروي منطقة الحامداب و منطقة المناصير موقع معركة الكربكان الشهيرة.
هذا و قد عمل استاذ الأجيال هاشم القاضي مديرًا لمدرسة كرقس بدار الرباطاب قريبا من بلدة عتمور فهو ملم بتاريخ هذه المنطقة على غير الكثيرين من الذين كتبوا عن تاريخ منطقة الرباطاب و لم يهتموا بالتوثيق لمنطقة وسط الرباطاب تحديدا.
فأشار في هذا المقال ايضا الى اخوان موسى ابو حجل و منهم الأرباب زيدان ابو حجل ملك الرباطاب و شواهد التاريخ تقول ان حوش زيدان موجود حتى يومنا هذا في منطقة السنيبلة جوار كريقة الكدب بعتمور بدار الرباطاب .
و اما الإشارة التاريخية المهمة في هذا المقال فهي التاكيد على ان بداية و ازدهار التعليم الديني و انتشاره في منطقة وسط الرباطاب آنذاك تم على يد شيوخ منطقة الرباطاب و لا يمكن نسبته للشيوخ الذين قدموا من خارجها . و الشاهد ارسال الملك محمد ابو حجل اولاده الأرباب زيدان و موسى ابو حجل الى الخلوة ام راو بعتمور بدار الرباطاب ليتعلموا القران الكريم و علوم الدين على شيوخ عتمور و منهم الشيخ ود حاج نور و الشيخ الرفاعي لهما الرحمة و لهم مصاحف مكتوبة بخط اليد و من هؤلاء الشيوخ على قيد الحياة اليوم الشيخ ابراهيم القلوباوي و خط بيده حوالي 15 مصحفا و مسجدهم القديم موجود في عتمور بالخلوة ام راو حتى اليوم، و تم تجديد بناء هذا المسجد في عام 1946م.
و فتح التعليم الديني بالخلوة ام راو في عتمور المجال واسعا، فتغيرت نظرة الناس للتعليم، و ساعد إنشاء عدد من الخلاوي في المنطقة على تشجيع اهل المنطقة و حثهم و تنويرهم على أهمية و ضرورة التعليم لتطوير المجتمعات المحلية.
فتأسست فيما بعد اول مدرسة أهلية خاصة لتعليم البنات بدار الرباطاب عامة و بعتمور خاصة على يد الحاجة سعدة بنت الحاج في مطلع الستينيات من القرن الماضي1960-1963.
و ايضا تم افتتاح اول مدرسة حكومية ثانوية عليا للبنات بعتمور في عام 1981م و تم تشييدها بالجهد الشعبي و العون الذاتي لأهل عتمور، و تعتبر هذه المدرسة اول مدرسة ثانوية عليا للبنات على الضفة الغربية لولايتي نهر النيل و الشمالية(الإقليم الشمالي).
فأستاذي و استاذ الأجيال هاشم القاضي له الرحمه من رواد التعليم في دار الرباطاب بالسودان، فمن باب الوفاء لأهل العطاء فهو جدير بالاحتفاء و التكريم، تخليدا لذكراه العطرة.
فهذه إشارة لمفاتح بحث و إضاءة حول هذا المقال القيم على جانب من كتاباته عن تاريخ السودان عامة و منطقة الرباطاب خاصة.
فالأمل معقود على ابناء هذا الجيل من اهله و معارفه و طلابه و عليهم ان يوثقوا لمقالاته و كتبه و مؤلفاته و الجوانب الاخرى في حياته فهو من الشخصيات و الاعلام و الرموز المعروفة في دار الرباطاب بالسودان.
ابراهيم عثمان سعيد عبد الحليم
atmoorsudan.blogspot.com
تعليق الاستاذ/ هاشم الرفاعي علي مصطفى
العين دولة الإمارات العربية
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
اخي محبة وصداقة وزمالة وابن أخي عثمان سعيد نسبا لك خالص الود والتقدير فانت دائما مبعث سروري ورضاي وكلما التقيت ظفرت بالسعادة والسرور فأنت عندي بائع المسك وغواص اللآلئ فقد اسعدتني اليوم بروايتك لهذه القصة الجميلة ولزيارتنا للأستاذ هاشم القاضي أستاذ الأجيال المربي الفاضل وأذكر كما سمعت من والدي الرفاعي علي مصطفى من أهالي عتمور أن الأستاذ هاشم القاضي كان مديرا لمدرسة كرقس الابتدائية حين ولادتي فسماني الوالد باسمه تيمنا أن أكون مثل هذا الرجل المتعلم المثقف المدير في ذلك الزمان 1956 تقريبا وكذلك لتوثيق أواصر العلاقة بيننا في عتمور وبين أهلنا في رأس الجزيرة مقرات فترعرعت وانا محبا لهذا الرجل الذي كان محبوبا لوالدي وحملت اسمه فعلا فكثير من أهلي كانوا يطلقون علي ود القاضي لكن لم تتح لي الفرصة لرؤيته إلا عندما التحقت بمدرسة مقرات الابتدائية أذكر في ذلك اليوم عندما سمع الأستاذ هاشم القاضي بوصول والدي بصحبة ابنه هاشم كي يلتحق الابن بالمدرسة ذهب إلى المدير وأخبره وأخذ منه الموافقة ثم جاء ليسلم علينا وأخبر والدي بأنني مقبول في المدرسة ولا حاجة لذهابه لمقابلة المدير وسعدت كثيرا في ذلك اليوم أن رأيت المشرف التربوي ومربي الأجيال الذي حملت اسمه ولم أره وكان بيته قريب من بيت أخونا النقر عوض السيد الذي كنت أسكن معه في داره وبعدها انقطعنا عن مقرات في مشوار الدارسة ولم أعد إليها إلا في القصة التي ذكرتها وربما كان ذهابنا إلى مقرات في زواج الأخ فتح الرحمن العباس الحسن ومن ثم قلنا نسلم في ذلك اليوم سوية حسب ما رويت على عمنا الأستاذ الفاضل هاشم القاضي وبعد أن أكرم وفادتنا وطلب منا موعدا لكي نأتي للإفطار أو الغداء في اليوم التالي واعتذرنا له بأننا مغادرين اليوم إلى عتمور وحينما عرف أنني طالبا في كلية الآداب بجامعة الخرطوم قال لي دونك المكتبة وانتق ما شئت من الكتب التي تناسبك وتعللت بأن مفارقة الكتب على صاحبها صعبة أصر إصرارا شديدا وسالني عن المواد التي ادرسها وحينما عرف أن من ضمن موادي التاريخ استل كتاب السودان عبر القرون لمكي شبيكة واهداني اياه وسعدت به كثيرا واستفدت منه أنا وكثير من الدفع التي عاصرتني في جامعة الخرطوم وآخر عهدي به أن اعرته لأخي وصديقي الأستاذ الدكتور إبراهيم عثمان سعيد وما زال الكتاب صدقة جارية لاستاذنا هاشم القاضي ونسأل الله أن يرحمه ويغفر له ويجعل قبره روضة من رياض الجنة وأن يطرح البركة في ذريته وخلفه فقد كان ملهما لنا ولآبائنا في قضية التعليم مما ولد حافزا ودافعا للآباء والأبناء في الحرص على التعليم كي يكونوا مثل هذا العلم الشامخ الأستاذ هاشم القاضي فلك التحية الخاصة وللاستاذة سمية هاشم القاضي واخوانها وأخواتها مع خالص محبتي وتقديري .
هاشم الرفاعي علي مصطفى
———————————
atmoorsudan.blogspot.com
تعليق الاستاذة/ سمية القاضي
الخرطوم السودان
مقال جميل اضاف الكثير د.ابراهيم بارك الله فيك والتوثيق عمل كبير ومهم ومحتاج بحث وتوافق احداث وربطها وتنسيقها و تحليلها لتكون الحقائق واضحة ولكنه لا يلجه الا اولو العزم، اعانكم الله علي تحمل هذه الامانه ونشكركم علي الاهتمام بمنطقتنا والتي حقا تشكو الاهمال و عدم الغيرة منا على م ضيعه الجهل منا،فصرنا نتلفت ولا نجد م ندافع به عن ارثنا وتاريخنا المجيد لانه حكايات تحكى تؤنسنا وتنعشنا ونفخر بها ولكن اين هي من اضابير المكتبات وتوثيق التاريخ لبلدنا واصولنا وبطولاتنا وكرم اهل منطقتنا ،فظلم نحن شركاء فيه ومسؤلون عنه،ليتنا نجدد تاريخنا ونحفظ م غفلنا عنه لابنائنا ووطننا ،
والله ي دكتور هناك كثير من المقالات - كتبها استاذ الاجيال هاشم القاضي - بعضها في مجلة الصبيان سلسلة .وهناك قصص الاطفال والكثير سارفدك بما يقع في يدي .ولك خالص امتنانا وأكيد تقديرنا لشخصكم ولمجهودكم ،
سمية هاشم القاضي
14.1.2021
الصورة :
من مخطوطات الخلوة ام راو بعتمور- خطبة بخط اليد- منشور بدايات التعليم الديني في دار الرباطاب بالسودان
المصدر:
atmoorsudan.blogspot.com
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق