الأعراس والحفلات في البلد زمان (2)
عتمور دار الرباطاب محلية ابوحمد ولاية نهر النيل الإقليم الشمالي السودان
خواطري : الاستاذ / ابو عبد العزيز محمد الحسن قسم السيد سمساعة من ابناء عتمور / العبيداب دار الرباطاب بالسودان
....... .
Abuazizsisaa
. . 🌴عتمور🌴.
ومن مهبط الوحي نكتب....من مكة أم القرى ،حيث يصعد الكلم الطيب
هنا حيث تهفو الأرواح وتخفق القلوب خشية وحبا ....هنا حيث تصغر
الدنيا ...... تُقطَّع حبال وصْلها. ........ وكلٌ مُمَتُنُ حَبائل المعاد وواصل
ومن كل فجاج الأرض تؤمها ضوامر ونواحل ، وأنا أسرجت ضامري
فبكة تزدلف إليها القلوب ..وأنا قلبي إلى عتمور يزدلف ...
وقد يُفترى العِشق لحسناءٍ........................... ولكن لعتمور لايُفترى
عتمور .........وقد توسدت كُنه الروح من علم الله ، وذاك هوى مابرأه
الله إلا لها فهي به دون البلاد تَنْعم ...
عتمور ...
عتمور ....موائد شواهد ، رجال ...جبال ...ونِصال ..جداول ومعاول ..
ماء وخضرة ووجوه حسنة ...دواوين مشرعة الأبواب ..لوافِعٌ وبراقعٌ
وصَوْن ...
عتمور ........عروسُ سهلٍ بين حرَتَين كيثرب ، ونخلها صنو نخل طيبة
نديمة الفرقدين ....قُضاعةُ القبائل وشِعب بوان القرى ، غير أنها لايسار
عنها ...معقل الميامين ..تلقوا الفضل من لدن حكيم عليم ...
فقد جعل الله لهم الأرض ذلولا فمشوا في مناكبها ألا وهم المستخلفون
فاستنبتوا خيرها ، فخرجت ثمارٌ من أكمامها فاكهة وأبا وحدائق غلبا ..
وقنوان دانية وقطوف ..ونخل ، باسقات لها طلع نضيد ..
ماتمنوا وقعدوا ولكن استيقنت أنفسهم هبة ربهم وأتبعوها نعمة الحمد
فبارك الله لهم وردف لهم العطاء فكانوا خلفاء الأرض كما استعمرهم
الله فيها فصارت عتمور جنة فأطعمت السهل وطير الجبال فكلهم
كجحل غيداق يحدث بنعمة ربه ...
وإن نُحدِّث عن فرحها ، فذاك فرح في ذاته وانشراح للقلب بالذكرى
وفرحها يبدأ بقلم الشيخ الأمير مصطفى القاضي وهو المأذون
الشرعي لكل القرى آنذاك ووكيله في عتمور الشيخ الجليل القلوباوي
محمد ابراهيم حاج نور ثم خلفه الشيخ دقرشاوي سمساعة الناجي
الذي أصبح مأذونا شرعيا فهو الذي يضع اللبنة لكل فرح فيها ....
أما لياليها الملاح والحفلات فيها ...
فقد كان للحي زمار إلا أنهم يطربون ويحيون ليالي عتمور ...
ونذكر منهم بشير الحجازي فقد ملأ الساحة ردحا من الزمان ..
وكان من فرقته (الكورس أو الكورال) ودنقلا ودكرار ومحمود
ودعلي عبدالسلام وإلياس سليمان ثم أصبح إلياس يغني بعد
بشير أو إذا غاب ...ومن أغاني بشير الحجازي ..
جاذب عقلي بي فنو ........والله ... ...الليلة كيفنو
.........
يا ودنقلا الغناي ... مسوا الليل وشيلو معاي
يا المبروك سديد الراي..... من النارو ماكلة أضاي
. الليلة كيفنو
يامحمودأقيف جنبي .........دا الهالكني شن ذنبي
الزول اسمو من اسمي ......موقد نارو في جسمي
. الليلة كيفنو
يا اللخوان معاي جالسين ...زي ناس ازهري اسماعين
يحيى الفضلي فايز وين ...يازروق دا ظبي العين
. الليلة كيفنو
يا الياس شوف سماحة الزي ...تحرق نارو تحرق حي
. الليلة كيفنو
ياودنقلا اتمنظر ............داك الصيد سرح في البر
يا اللخوان متين بنزور ....جدي الصيد سليل الحور
. الليلة كيفنو
جاذب عقلي بي فنو..... والله .......... الليلة كيفنو
كما غنى لبابكر الحجازي يوم زواجه
يا التلب اللزوم للشيل
يابابكر متين بنسير
محمود النضم تمو
للدابي الزرق سمو
في الفاضلاب غرب عمو .....وبابكر كان بعد زواجه قد استوطن
في الفاضلاب
كما غنى لجمال الدين يوسف ...أو بالأحرى يوم سماية جمال الدين
يوسف فقال :
جمال الدين ياولد ... يا النورت البلد ...الليلة طليت يا اللسد
يطول عمرك يلقى المدد ..وكت العيش اتفقد ..أبوك مامد مد
يطول عمرك يلقى المدد ..
وكان عليه رحمة الله يمتاز بموهبة شعرية قوية وبديهة حاضرة
ويقول من سمعوا له أنه حتى لحظة (ضربات الدلوكة الأولى)
ماعنده مايتغني به ثم تتفجر منه الأغاني ولايتعب في نظمها
ويغني وكل مايذكر في أغانيه شواهد أمامه ..
وإلياس سليمان يرحمه الله كان يؤدي بعض اغاني أحمد عمر الرباطابي
(تاقت بالعمار فوق قيفا ، أرجوك ياجميل ياخينا ، المشتول في رمالو)
وماكان إلياس ليغني إلا أنه ينزل عند رغبات الحاضرين ....وفي أوقات
الفراغ ووقتما لايجدوا مغنٍ ، ينبري لها أبوعبدالرحمن فيطرب عليه
شآبيب الحمة والمغفرة فقد كان خفيف الظل بشوشا سمحا .......
وفي مطلع الثمانينيات ظهر في سماء عتمور نجم آخر ، كان ذائع
الصيت ، مصطفى رحمة حمد السيد ....كان يجيد أغاني الحقيقبة
لكنه لم (يعمر فنيا ) وترك الغناء وأخذته دروب الحياة ، ومن الأغاني
التي كان يؤديها ..الفريد في عصرك ..ومساء الخير يا أمير ...
وياعصفورة يارقاصة وغيرها من أغاني الزمن الجميل ..
أما إذا دخلنا عكاظ عتمور فنجد على منبر الشعر فيها فحولا عتاة
في القريض وأعلام .........تغنوا لها وتغزلوا في جمالها ..ونبدأ بكبيرهم
وحسان الشعر فيها .....الحسين الحاج الحسين ود أيوب ......وإذا تغزل
الحسين تجد الشعر طربا وإذا هجا ترى عجبا ونأخذ القليل من غزله
العفيف ...
جديات القنب الكركر سحابن
مالن بعدن و قسن طلابن
بدور ياعبدو تاني افتح كتابن
طريت القعدة فوق مشرع شرابن
تشتاق روحي لي صوت قرقرابن
عن ساعة المقيل يبلغ نصابن
مكسيات عفاف مو داب تيابن
ماجاب سيرتن شعار وشابن
وفي أخرى يقول :
بعد ماكنا عايشين في سكينة
مالو المشترك غلت علينا
خلا لمبات الهبوب وشال الرتينة
بي ضهاري الهودي روحت التمينة
شرفت أم تقاق دهب الخزينة
منورة من قوز رجب لي دار تنينا
أما أمير الشعراء فيها فهو مصطفى الحاج موسى الذي تفانى في حب
عتمور وتدله عشقا ، فهو يتنسم رائحة ترابها أينما حل ، فقد تغنى
لها ولجمالها وسماحة اهلها بل وذم غيرها إذ يقارن ، وتغنى لمسقط
رأسه فيها (قوار والدياييب) ويذكر فيها ليالي سمره ومراتع الصبا ...
وللحق فإن مصطفى الحاج كان وطنيا غيورا على بلده لذا كانت مساحة
الغزل في أشعاره ضيقة ، فجل أشعاره لبلده والوطن ، فغنى لنميري
وللسودان ..
حلق ياصقر ..... الليلة حوبتك جات
كسار الرجال ...نمر الخلا أب عاجات
وغنى لعتمور ولكل القرى ومجدها ومجد أهلها وقد كتب عنه الدكتور
إبراهيم عثمانIbrahim OsmanSaeed مايغني عن التكرار ولا بأس
أن نذكر بعضا من أشعاره
فقال مفتخرا ببلاده ، وبلاده كل القرى وأهلها أهله
نحن عتامرة نحن كراقسة نحن أماكة
نحن أولاد عبيد شمخة جبال التاكا
ومن الغزل نذكر ...
الليلة البلد حزنانة .............مادام قامت الرمانة
البنطون يشيلو حديدو ...لي سوق الدلالة نعيدو
وغنى ..اليوم داير أقوم أنا راحل ...الوزين كسر بالساحل
وله أيضا ..عصير المنقة والأنناس ...عتمور نورت ياناس...
صغير دابو سكسوني ... عتمور نورت ياناس
وغنى أيضا ...
حاجبا المقرون والشلخ ستة ... ياخي وينو منو طولت
كما اشتهر بالأشعار التراثية وكان مواكبا للحداثة في كل شيئ فقال
لما ظهرت المراكب ذات المحرك قال مسليا أصحاب المراكب الخشبية
ومواسيا
ياحليل أم شراع خلوها ...أحسن ياسعد توقدوها ....وسعد جبارة كان
أشهر المراكبية في عتمور مع مختار ود الفكي وحمزة ود ابراهيم
والفضل ودحميدة ..
ومن أعضاء فرقته أو (الكورال ..الكورَس) حمد ود الطيب ود الطاهر
وعثمان ودحسن وعبدالرحمن جرقندي ونفس الكورس كان يساعد
أحمد عمر لما يأتي لحفلات عتمور
وكذلك من الشعراء أحمد ود عبدالقادر ....
وطني على شاطي النيل ...عتمور هواها جميل ...ثم جاء من بعدهم
أحمد مصطفى الأمين ، فملأ فراغ رحيل من سبقوه من شعراء عتمور
وصدح بأغانيه فتح الرحمن الوقيع والأمير عثمان .....
وأحمد المصطفى يرسل المفردات حبلى بالشوق والهيام وأخرى ثملة
وبعضها باكية المآقي وأخرى تحمل قطرا من ندى الحسن عذبا .......
يوم رحيل عيونك قلبي بتألم
كيف اعيش من دونك وعندي غيرك كم
كل مناي ليك أنت تتعلم
تبقالي طبيب وبلسم للألم
وفي أخرى يقول :
عرفونا كل الناس واخبارنا مالية الكون
حتى الصغار في الحي عرفوني بيك مفتون
ديل قالوا زي ناس قيس سموني أنا المجنون
لو خطبوك مين بلاي بشقى
زي جمالك أنا تاني وين ألقى ...
وأحمد المصطفى تفرد بأشعاره فهو لايذكر الحبيب
ولايتغزل في محاسنه ولايصف جماله فهو عفيف اللسان طاهر
العبارة......
وفوق كل ذلك فهو المربي الجليل والأستاذ الفاضل إذ خرج
أجيالا وأجيال ...
ذلك كان نذرا يسيرا لمن يقف على الأطلال من شعراء الخضراء
عتمور ... إما إذا ذكرنا ليال الأنس فيها والطرب ....
فقديما يقف وراء المايكرفون في حفلات عتمور جهابذة الكلام
واولهم غربيب أشم .............. قصرت ترائب نسائها أنت تأتي
بمثلهم... بابكر دياب بخيت وسيد أحمد محجوب عليهما شآبيب
الرحمة وفتح الرحمن العباس والشفيع محمد مكي وأبوعبيدة أرباب
وزكريا ابراهيم الشيخ وفرح الأمين
وإذا غابت شمسها وتوارت ترى مصطفى المرضي ومن بعده محمد
علي القميرديقي (يجهزان ) المايكرفون إيذانا ببداية ليلة من لياليها
الخالدات ....
وللعرضة في عتمور (زمان ) نفر يطرب الناس لمجرد ظهورهم .....
بل بعض الناس مزاجهم في الحفل أن يشاهد (البراجين) مثلما يأتي
بعض آخر ليشاهد (الرقيص ويتغزل في النساء) تلك شعرها طويل
وهذه جيدها (رقبة قزازة) وتلك كذا وهذه ...فللعرضة ناس ...
ونبدأ بجنوبها وفيه عبد الرحيم السهيلي ، طروب (أديب) ..إذا دخل
(الدارة) تابعته عيون الناس ، فهو يزحف جالسا ...بطريقة لايجيدها
إلا هو ..فلاتدري أيهما يواكب الآخر هو أم إيقاع العازفين ... ..
ثم يتقابلان هو وتوأمه محمد علي القميرديقي ويشكلان ثنائيا راقيا
والناسُ تنتظرُ عرضتَهما بفارغ الصبر ..وأحياناً تكون عرضتهما مطلب
جماهير الحفل .. ثم يملأ المكان مرحاً .......حماد عبدالرحيم ...رجل
من أهل الله يدخل الحفل ويخرج بلا أثمٍ ........ولاخائنةَ الأعين ...
وحسن السهيلي ورفيقه وصاحبه الطيب حاج نور حمد ....
وبدر السهيلي وعمر عبدالرحيم ...
وقمر الدين الخليفة كان رجلا محبوبا يستقبله الناس (أبشر أبشر)..
إذ حباه الله قبولا وروحا طيبة .....ثم فتى يطير ما للأرض سلطانٌ
عليه بجاذبيتها .......محمد ابراهيم الكدَّب ولكأن عظامهُ عظام طائرٍ
ولو إكتسى الوجهُ منهُ ملاحةً لقتل المِلاحَ وذلك عَطَلُهُ .....
أما علي قمر الدين فمن الله عليه بوجه صبوح فيه بشر ، دائما تراه
ابيضا زيا ومحيا كخيال الرسامين في المسيح وأمه مريم ..كان
عراضا وورث القبول عن أبيه ...
ومحمد بكري الخليفة وكأنه يحدث ويقول عتمور أمنا ونحن أخوة
فلايعرض إلا مع مبارك مقداد ، وعباس الشيخ أب زوايد كان يجيد
الصقرية (يصقر ويشبع نفسه) ثم ينزوي في هدوء
ثم نتجه قليلا إلى الشمال فنشاهد الحسين بابكر القنديل ، العرضة
عنده أدب وذوب ...يمشي على حافة الدارة مشيةً تواكب الإيقاع
ويكشح التراب مع كل خطوة والتي تليها ويطرب من سويداء قلبه
كيف لا وهو جار الفنان والشاعر مصطفى الحاج .
أما شقيقه محمد بابكر القنديل فلا يعرض وإنما يبشر فحسب ..
يبشر ويهز (ضراعه القوي) فتهتز له جنباب الحفل وترتعد ...
وأحمد محمد القنديل (الذوق) تعرف بضحكاته معنى السرور
و طيب أيام عتمور آنذاك إذ يرسل قهقهاته تعرج
إلى السماء تبلغ المنتهى حمدا على ما أتم الله من نعم فلاتراه
إلا باسما ..لكأنه علم سر الحياة قبل أن يُخْتار ...
ومحمود عرديب يأسره الشعر وحلاوته كأبيه فتراه يهز رأسه
لملاحة القول ووصف الحسان فهو زير ...وإذا حمل أبوالقاسم
علم الهدى العصا بيساره ويمن بها زكريا ابراهيم ..تراهما يدوران
حول الدارة حتى إذا فرغت (عرضا) ثم ضحكا وتعانقا ،وأبوالقاسم
يضحك حتى تغيب عيناه وبسرور أبي القاسم يُسر زكريا ..
وموسى الحاج موسى يسير القول وصوت الدف يخرجه عن طوره
فلا يملك إلا أن يلج (الدارة) يعرض مع نفسه أولا ثم يبحث عن
رفيق ..ولما هاجر إلى العراق كان يتخذ من شارع السعدون متنفسا
ويختلف أحيانا إلى شاطئ دجلة ، ودجلة يبعث الأشواق فتعربد
فيه هواجس الشوق فيتذكر عتمور ولياليها وإذا طرب بالذكرى
أو بصوت ناظم الغزالي أو سعدون جابر قال اجلدون فإن أبينا قال
هل من غانية (تديني شبال ) قلنا أما (السوط فليس ببعيد ) وأما
الشبال فدونك العراقيات ..صقيلات العراقيب ..
ومبارك ابراهيم الشيخ فارس من فرسان (السوط) صخرة قلعت
من (حجر الحَمَام) وألقيت في قلب الدارة ، فهو جلمود ...
وعباس هدع ماله في الغناء ولا الطرب وجل وقته يناجي عصاه
فلا يهزه لحن ولو غنى الموصلي أو ترنم زرياب ...
ثم الحاج العمر يوسف الذي لايأبه للمغني فتراه يراقب الناس
ليضحك أو يهزأ ..
والشيخ أبوالعباس كان وجيها مليح الوجه فتىً أم درمانيا (تغيان)
يتيه دلالا وبطرا ... يضمخ نفسه بالعطور ، ويرفل في ثياب بيض
يختارها بعناية ....وحسن عطا المنان شابا طروبا ، كان نظيفا
أنيقا بحكم نشأته في المدينة كان كمصعب بن عمير بين أبناء جيله
والهادي التجاني كان من الذين لاتخطئهم العين بل ويجبرك على
أن تطرب لعرضته ويأخذ ببصرك صعودا ونزولا ..
أما شقيقه المغيرة وإن كان ربيب المدينة إلا أنها لم تمنعه أن يتشرب
تراث أهله وأصله فقد خلق من طينة الأدب شعرا ونثرا وطربا وكان
أصفياؤه للعرضة الشفيع درملي وأحمد علم الهدى وصديق قسم السيد
ورمضان الطيب وسعد الطيب .. أما مصطفى التجاني فلم يكن
أقل من إخوته شغفا بالغناء والطرب وكان (يعرض ) مع هاشم الرفاعي
وجاد الرب العوض ...
ومحمد عبيد أحمد بطران (العنبري) الرجل الطروب يمسك عصاه
بشماله وعينه على (الدلوكة ) ...فيقيس الدارة شبرا شبرا .....
وخلفه ابنه عبدالله العنبري وقال مبكتاً لو أن أبي غرس في كل
مكان (عرض فيه مشرقية) لأكلنا من فوقنا ومن تحت أرجلنا ..
وعبدالله كان يلقب آنذاك (بالدكري) ثم يقابله صديقه عبدالعاطي
سليمان الذي لا تتم العرضة إلا معه وعبدالعاطي يطرب حد الطرب
ويحاول جاهدا أن يفارق الارض ولايفارقها ..ولو اكتسى العظم
منه لحما ...
وغير بعيد عن مكان الحفل وفي منطقة لايصلها ضوء الرتاين
وفوق (جضول المريق ) مصطفى عثمان البديوي يجندل خصومه
ومن شايعهم فتسمع بينهم من يصرخ وآخر ولى مدبرا ولاتجد من
ينبري لقتاله إذ لاقبل لهم به يرحمه الله.....
ومحمد عبدالمالك ، مفتول الذراعين (دائما مكفكف )لايدخل الدارة
أبدا وهو قليل الكلام ، ويظن من يراه أنه (زول مشاكل ) فإذا تكلم
أظهر خلاف مايظن الناس به ...
وصلاح زياد يقتحم .... .......شماله يسبق يمينه ووجهه إلى
السماء ...لا أظنه يطرب أو يحرك الإيقاع فيه ساكنا ...يعبر بشيئ
من الفوضى أقرب (للمشكلة) ويحوم فيها كالأيهم لايلوي على شيئ
وسيان عنده إن تواصل الحفل أو (تفرتك )
أما عثمان مختار يطرب حد الثمالة لكنه يعجز عن التعبير فيملأ فمه
بعمامته (ويحمل عكازه المليان عكن ، قطعه من شجرة سنط) ثم
يصيح (ياعبيداب ماتخربوا حفلتنا) وذات مرة ساقته خطاه إلى
المايكرفون وقال (الهبووووووء الهبوووووء ) ويقصد الهدوء
وهذه حدثني بها إبن خالته محمد عمر حاج الأمين إذ لم أره .
ثم يخلب الألباب التجاني عبدالغفار(بعرضة رايقة) يميل معها الناس
حيث مال التجاني ويقومون حيث قام ..
وأممحمد ود صويحب (يحدر طاقيته) فتغطي إلى مابعد حاجبه
أو ربما تدلت فوق عينيه وحجبت عنه الرؤيا لكنها لاتحجب صوت
عبدالدائم أو عبدالباقي وذلك الأهم ..أي أن أذنه مامن شيئ فوقها
دائما يبشر (بعود طورية) ... كان طيب القلب وإن حجبت الطاقية
بشر وجهه ....
وإذا ما تسلل النعاس إلى (عيون الرتاين )جاءها مصطفى ود المرضي
رجل إذا كلمته الرتاين لايتكلم ......تزين يده السوداء ساعة بيضاء
والساعة آنذاك كانت زينة يتفاخر بها ..يعالجها في صمت ثم يمضي
في هدوء ( ولاتهزه الدلوكة) حتى إذا انشقت الأرض تحت قدميه .
وعبدالباسط سليمان يحمل روح دعابة وسماحة يحسد عليها فقد
كان طروبا وعراض ، ومن اعلام الفرح في عتمور آنذاك .....
أما محمد سليمان (غلي) فكان من الذين أنعم الله عليهم بالرزانة
إذ لايبارح مكانه ، وظني به تهتز أوصاله طربا لكنه كتوم .......
والملك إسماعيل فقد اكتسى وتزيا بالوقار ، يحضر الحفل لايفوته
شيئ ، لا أخاله إلا من الذين إذا نظرت تحت قدميك فحدقت
في (كرعين العناقريب التي يجلسون عليها) لوجدتها قد غاصت
كالأوتاد في التراب ذلك أنهم يطربون فتهتز منهم الفرايص
ويكتمون
والخواض إسماعيل في ذروة سنام الصبا سمهري ممشوق ، كان
كنصر بن حجاج في المدينة المنورة وسيما ، أخذ من (تقاة قمح)
لونه فاشتهته الحسان زادا وفارسا فعز عليهن ..ثم تخير واحدة
منهن وانزوى بها في ركن قصى ..كان (لايعرض) وإنما يضرب
ساقه (بجريدة خدرا) أمام (بروش النسوان فيبادلنه بالزغاريد )
وهرون عبدالله الأمين يأتي الحفل لاهم له إلا (المزاح والقريق)
لايدخل الدارة إلا قليلا وإذا عرض فذو عرضية راقية ، كان يحب
عبدالدائم حاج عيسى وتعجبه أغانيه وألحانه ..
ومقداد العوض لايجلس في مكان واحد فكل الحفل اصدقاؤه فتراه
كطائر الزهر من مكان إلى مكان (من عنقريب إلى عنقريب) والبسمة
لاتفارق محياه ..
وخليفة علي ودأمحد الأمين الذي أوتي شطر الأدب وحسن الخلق
فكل همه ( هل تغدى الضيوف أو هل تعشوا ) فإذا اطمأن رقدت
روحه ...ثم رقد إلى معاد ... وخالد رحمة حمد السيد ورفيقه
اسماعيل المغيرة ، لكنهما ابتعدا عن عتموروهما في ريعان الشباب
وجاد الرب العوض (اللتي ) الرجل الطروب ، فمامن (دلوكة تدق)
إلا كان أول الملبين لندائها ففاصل فيه يعرض وفاصل يفرد فيه
ظهره للسوط ، حتى أصبح أيقونة لحفلات عتمور ، ولما أخذته
لقمة العيش بعيدا (في القندرانات) كانت نفسه تشتاق إلى عتمور
ولياليها ، وإذا اتخذ محمد عبدالحفيظ (حافة الدركسون دلوكة )
وغنى
جمال الناس الظراف
الجمال والذوق والعفاف
في البقعة .........
ياقلبي بقيت تخاف...يكاد اللتي يقفز من (تندة القندران) ليعرض
وحسين حاج عثمان كان كيوسف ابن يعقوب وإن لم يلقه في غيابة
الجب أحد وماكاد له إخوته ، وماكان ثاويا في عتمور فقد هجرها باكرا
فشغفت به حسان أم درمان وأكبرنه وقطعن أيديهن لكن لا ندري إن
كن قد ....
وعلي عثمان اسماعين نشأ في المدينة وكلما حمله أبواه يُزِيرانه أهله
في عتمور خلع المدينة وصار قرويا (قيما وتقاليدا) ولما بلغ أشده
واستوى وأصبح فتىً هبرزيا أخذ حب عتمور بخطامه فكل ماسافر
تجره إليها فيأتيها ملبيا ، وإذا حضر منها ليالي الطرب كان نجما ترقبه
قوافل القوارير هاديا في السرى ثم غاب وضلت منهن القوافل ..
وجعفر الأمين كان وسيما مدللا ، وله القدح المعلى بين أقرانه
(عراض براج ) يتمنى الفتيان (مزاملته في البرج ) لكنه هجر مراتع
الصبا باكرا وأصفياؤه في العرضة مبارك اسماعيل وعلي عثمان
اسماعيل ...
أما السيف الأمين فلا تخطئ العين مكانه ، فالسرير الذي يئن
بمن عليه فذاك مكانه ...يحفه أصحابه (فيشتم هذا ويضرب هذا)
(وعكازه لاينزل إلا ويرتفع مرة أخرى ) وسعيد عثمان كالحاوي
يتحلق أصحابه حوله .......فيجمعهم ثم يفرقهم ثم يؤلف بينهم
فيجعل منهم عقدا للأنس ثم إذا شاء فرقهم وشتت شملهم إن أراد
أن يذهب إلى أهله ثم لايفوته شيئ داخل الدارة إذ يراقبها بعين
ثالثة .....أما حسن حامد فله حاسة طرب لاتشبه حواس الناس
فضربات الإيقاع بلا نغم تهزه فإذا صاحبها نغم غاب حسن حامد
كالمغشي عليه فيصعد شهيقا وينزل زفيرا مايفكه من ذلك إلا
أن يسكت المغني ...وأحمد الحاج المسلابي من أوائل من امتلكوا
المسجلات فلا يتغنى مغنٍ إلا ويحفظها أحمد الحاج في أشرطته
فيطرب بها في داره ويتمثل الحفل فيعرض في خلوته ...
وحسين العوض جاء مشبعا من أرض الغناء والطرب حيث قضى
بواكير شبابه في الباوقة ..فتسمعه يترنم بأغاني ود الحوري ...
وعلي التوم الحسن خالف أهله وطباعهم فكان أحيانا يعرض وأحايين
يحجم وأظنه عصيٌ على المزامير أن تؤثر فيه ..
ومختار محجوب (المختري) لاشأن له بالغناء وأذنه صماء تجاهه
وحباه الله ذاكرةً لاتغادر شيئا ولاتخطئ .....أما نور الدين جقليبة
فليس له من الأمر شيئ .. فلامغنٍ ولا غناءٍ ولاغوان ..تجده يصلح
كل مائلة ويعدل ، ولايلبس الجلابية أبدا فهي تقيده ، وتعيق عنده
(البصارة) ...ورجل سنيد من أهل الله يضحك للناس والدنيا بوجه
واحد ، سلم خطام نفسه لربه وتوكل ، يدخل الدارة لا أدري إن كان
يطرب أم أنه يحدث عن وجوده ، فتسمع الناس يهتفون ...شبكة
يا اللبيب شبكة يا اللبيب ، فيدور في مكانه ولايفارق الأرض ثم
يخرج وهو باسم ، بسمة تخرج من قلب سليم مافيه من أماني
الشيطان شيئا وليس له سلطان عليه ....
ومن لم تعظُم الفانية في قلبه وله في كل هنيهة منها ذكر
يجلس ليضحك فحسب ، عبدالعزيز خضر ، وإن كانت دواخله
تموج طربا لكنه لايحدث نفسه (بدخول الدارة) لشيئٍ في نفسه
ثم مضى وانتحبت الشهامة على قبره ثم رقدت بجانبه ....
ومحجوب عثمان جاء (من البنادر ) ووجد نفسه مجبرا على تغيير
حاسة الطرب ، من الموسيقى إلى (الدلوكة ) فكلفه ذلك كثيرا ولما
واكب وسار على جادة الطرب سرى الشيب في رأسه ...
أما أهل المسيد فربما كان القرآن أقرب إليهم ممافيه الناس فأقعدهم
إلا أن منهم من تمرد على المنهج وتسلل في جنح الظلام وسرى سراة
مشتاق ومحب ، فالناجي مصطفى كان محب للغناء والطرب في
شبابه وكان صفيه من عتمور الحسين أحمد بطران (الحسين ود آسيا)
فلايعرض ولايبشر إلا معه فقد كان خله وخليله ...
أما حبوب أحمد علي فكان صديقا حميما لحسن دنقلا وبينهما مودة
خلدها الاخير بأشعاره
حبوب قال لي اتجنن ...مشغول فكري مايقن
بي عقولنا تتفنن ...واقدامك علي ماجن
ومنها وبها يخبرنا الشاعر حسن دنقلا أن حبوب كان مرهفا ومحبا للجمال .....
ومهدي عبدالله به حياء ورزانة محمودة يضن (بالعرضة) فإذا خلع
رداء الحياء ونزل فرغت له (الدارة) فترى الجميع يتابعه ويطرب
لعرضته وإن كان بها شحيح . وعلي أحمد علي الحسن رجل يزينه
الوقار والأدب فإذا طرب تخلى عنهما فتراه يعرض كأنه لم يطرب من
قبل ولم يسمع مغن ..ومختار جاد الرب لايفارق مكان الحفل ...
وإذا وجد عبدالرحيم عبدالله عرض وشفى غليل نفسه ....
أما إبراهيم أحمد علي لايطرب لكل من يغني فإذا طرب فمايقصر
في التعبير والعرضة ، ثم إنه يقلد محمد عبيد العنبري حتى أنه
نسيَ طريقته الخاصة ، فيمسك العصا بيساره ويمشي بصفحته
كما العنبري ..
وميرغني منصور صاحب العرضة الموزونة الراقية وإن أمعنت النظر
وتابعته لاتجد في حركته مايشيب العرضة ، فكل جسده يتناغم
صعودا ونزولا ، وحقيقة هو والكدب من أجمل الناس (عرضة ) في
عتمور ...أما مصطفى منصور كان (كالمكوك) يضع عماته على كتفه
وعينه على (الدارة) والحديث عن الحسان طربا ليس يطربه فلما
هاجر إشتاق إلى عتمور وغنى ..
أما فرح الأمين بخيت يطير عاليا وتفترق رجلاه في الهواء ولايفرق
بين العرضة والقفز للكرة ..ربما أشكل عليه حب الأخيرة .. لكنه
محب للشعر ويطربه عبدالدائم حتى الثمالة .
وحامد الناجي طغت عليه (لحمة الأيوباب والعبيداب) فخالف أهل
المسيد ، فورث من جده الحسين ماورث ومن شابه أباه فماظلم ..
والرفاعي علي لاتراه إلا وترى الحافظ عبدالرحمن كأن العرضة لاتقبل
منهما إلا بالأرحام ، فإذا نزل الحافظ نزل وإن يخرج خرج ، إلا أنهما
حازا من المواهب مايستوجب منهما الحمد ...
ونصر الدين مقداد لا يعرض كثيرا ويكتفي بالجلوس والإستماع ولما
عاد عادل حسن من غربته تحول من متفرج إلى عنصر خطير
فيشكلان معا (ثنائي مزعج )
ومحمد خالد ودأممحمد كان مولعا بالحفلات يطرب حد الجنون
حتى يخاله من يراه أنه بلاوعي ، كان يكتم شيئا في قلبه .....
لكن ماكتم في قلبه خرج من فتحات السياط على ظهره فباحت
بسره ..وكذلك علي طيفور يقف في نص (الدارة) لاهم له سوى
مراقبة من يحمل السوط ومتعة الحفلة عنده تقاطع السياط على
ظهره وذلك مطلبه من الحفل ..
وابراهيم هرون (اللسد)يأتيك وعمامته تمسح أثره من خلفه فما
تركت له أثرا في الحفلات ، فهو في برزخ بين القريتين
(فلا ذهب جنوبا فتعتمر ولاشمالا فتعبد ) فأصبح مقبولا ماخطت
قدماه ..
تلك خواطري عن عتمور وأهلي في عتمور ، من كان قبلنا ومن
أبناء وجيلي أصدقائي ، وهو تذكر واجترار وتوثيق متواضع
أرجو أن أكون قد وفقت في بعضه أما كله فعسير ، وليسامحني
من قسوت عليه ومن ظلمت فإني ناقصٌ وسبحان رب الكمال
والجلال والجمال ...
ونسأل الله الغفور الرحيم أن يتغمد من رحل منهم عن الدنيا
بواسع رحمته ويسكنهم فسيح جناته مع الصديقين والشهداء
والصالحين وحسن أولئك رفيقا..وأن يمد في آجالنا جميعا
بالعمل الصالح .. اللهم آمين ..
.............................................................................
ساعدني كل من
*إبراهيم أحمد علي الحسن
*عبدالله عثمان النمر .. ........لهما مني جزيل الشكر
.............................................................................
والشكر موصول ل
*سعيد عثمان سعيد
*فرح الأمين بخيت
*الحردلو المنصور
..............................................................................
وكل الود والتقدير ل...
🌲خالي العزيز حسن دنقلا
🌲 بنت خالي وبنت عمتي خادم الله كرار ..
فقد كان لهما دور كبير في تصحيح بعض المعلومات وكذلك زوداني
بما لا أعرفه ....
محمد الحسن قسم السيد سمساعة ..الطائف ..السعودية ......
التاسع من يونيو 2020 .