إجمالي مرات مشاهدة الصفحة

الصفحات

الأربعاء، 28 ديسمبر 2011

أستاذ الجيل الشيخ التجاني علي من رواد التعليم بمنطقة عتمور بدار الرباطاب بالسودان

سلام في الخالدين
 أستاذ الجيل الشيخ التجاني علي
من رواد التعليم بمنطقة عتمور بدار الرباطاب بالسودان


أستاذ الجيل / الشيخ التجاني علي عبد الرحمن:من أبناء عتمور بدار الرباطاب بمحافظة أبو حمد بولاية نهر النيل بالسودان، ويعتبر من رواد التعليم بمنطقة الرباطاب بالسودان، وإليه يرجع الفضل في تعليم الكثير من أبناء منطقة الرباطاب، عمل معلما فور تخرجه من بخت الرضا عام 1950م، وتدرج في السلك الوظيفي إلى أن وصل درجة مديرتعليم بأبي حمد، ومشرف تربوي مقيم بثانوية عتمور حتى المعاش.
عرفناه مديرا ( ناظرا) لمدرستي أمكي وكرقس بدار الرباطاب فترة منتصف الخمسينيات حتى منتصف الستينيات، ثم تنقل بين مناطق السودان المختلفة :
معهد التربية الدلنج.
الزيداب.
1963م - 1965م أرقو / منصور كتي. 
1966م سيدون.
1968م تندلاى أروما. 
1970م / 1971م كسلا. 
1972م/ 1974م خشم القربة. 
1976م قلع النحل.
1977م / 1982م كسلا. 
1982م معاش إختياري.
1986م عاد للعمل مرة أخرى. 
1986م مشرف إداري  الشريك نهر النيل.
1986م / 1992م مدير تعليم المرحلة الإبتدائية أبو حمد.
1992م المعاش الإجباري.   
 تتلمذنا على يديه بمدرسة أمكي الأولية - الأم - والتي تأسست عام 1948م وكانت المدرسة الأولية الوحيدة في عمودية عتمور بدار الرباطاب آنذاك  فعمل معلما فيها بعد تخرجه ثم مديرا ( ناظرا ) لها.
بجانب تميزه وإخلاصه في العمل الإداري، كان معلما موهوبا، رياضيا، فنانا تشكيليا، خطاطا، مثقفا واسع الإطلاع،  ومن هواياته فقد كان مهتما بتربية الدواجن  ( ديك مالطة)   والحيوانات الغزلان ( الغزالة سكرة )،وكان أيضا مصورا فوتغرافيا بارعا وهو أول من وثق بالصور لمدرسة أمكي الأولية وطلابها ولمنطقة عتمور  - كاميرا أبيض وأسود- وكانت هذه الصور معرضا دائما نشاهده في بيته العامر بأمكي "بيت الناظر" برفقة أحب الناس إلى قلوبنا الهادي والمغيرة التجاني، أحببناهم منذ الطفولة وإلى يومنا هذا نزداد حبا وشوقا لهم وخاصة بعد ظهور العم الصديق مصطفى التجاني، وكان قربنا منهم وحبنا لهم بفضل الراحل المقيم الشيخ التجاني ، لأنه كان يعاملنا مثلهم تماما ويفتح لنا داره في أمكي وعتمور وكانت بيتا لنا ، ونعم الدار " دار علم ودين" دار أولاد التجاني علي بالخلوة أم راو بعتمور؛ لمجاورتها لمسجد عتمور العتيق ولقربها من مقام شيخنا ود حاج نور، وكل من كتب عن عتمور في شتى ضروب الحياة لابد أن يقف إجلالا وتقديرا  لهذه الدار العامرة بأهلها و المسكونة بالإبداع والعلم والثقافة.
وفوق هذا كان الراحل المقيم استاذ الجيل الشيخ التجاني علي يحمل فكرا تربويا متقدما، إذ كان مهتما بالأنشطة الثقافية والرياضية والفنية والترفيهية، بجانب رسالة المدرسة الأكاديمية، وشاهد ذلك أن مدرسة أمكي الأولية على أيامه كانت تمثل إشعاعا حضاريا وثقافيا على امتداد منطقة الرباطاب في الوقت الذي عم الظلام معظم أرياف و قرى السودان مطلع الستينيات، وكان الراحل المقيم معنيا ومهموما بربط المدرسة بالمجتمع المحلي، وعمل على تقوية أواصر هذه العلاقة بأن درج على إقامة مهرجان سنوي ( ثقافي فني رياضي) في مدرسة أمكي الأولية في نهاية كل عام دراسي. 
ولا زلت أذكر تلك الليالي الفنية والثقافية - منتصف الستينيات - والتي أحياها الفنان الكبير الراحل المقيم النعام آدم، بجانب مسرح مدرسي متكامل برزت فيه إبداعات الطلاب وتفجرت مواهبهم في فن الغناء والتمثيل والإنشاد والمديح، وهكذا تكاملت المناشط التربوية والثقافية مع  الجوانب الأكاديمية - وهذا أساس تطور  مناهج  التربية والتعليم الحديثة في الألفية الثالثة - وبذا يكون أستاذ الجيل سابقا  لعصره وزمانه ،وكان الراحل المقيم يعد لهذا المهرجان السنوي إعدادا جيدا يشاركه فيه المعلمون والطلاب وأفراد من المجتمع المحلي وكان هذا سر نجاحه، وكان يحضر هذا المهرجان عدد كبير من أهل منطقة الرباطاب، ويحضرني من المعلمين الذين كانوا عونا للراحل المقيم أساتذتي الأجلاء بمدرسة أمكي الأولية ومنهم على سبيل المثال:الراحل المقيم الأستاذ إبراهيم التجاني علي ( عتمور ) ، الأستاذ أحمد محمـد بينـاوي ( أمكي )، الأستاذ أحمد عابدين الحاج ( أمكي )، الأستاذ عطا الفضيل دقرشاوي ( الباقير )، و  الأستاذ رحمه أحمد رحمه ( بربر ) وغيرهم.
وبقيت في الذاكرة من إبداعات تلك المهرجانات صدى أناشيد لا يعرف من هو شاعرها؟ وبالرغم من بساطة كلماتها،إلا أنها  لا تخلو من مضامين تربوية هامة، وكنا نرددها ونحفظها ونلحنها  ومنها: 
كنس الفصل دا أول حاجه
وتلقى المدرسة رابطه عجاجه
دوب ما كنسنا جا الطابور 
وشافو الغائب والوسخان
والسجمان والرمدان 
وجانا الناظر وقال صفا انتباه
وعلى اليمين طوالي دور
ومنها:
أنا أكتب ليه وأنا كلي بلاده 
وأنا في الإملاء ديمه إعاده
ومنها: 
كان شيخ رحمه ما كان طيب
 كنت لا أقرأ ولا حتى أكتب
ومن هذه الأناشيد أيضا: 
لا تمحنا ولا تبلينا
شر السكة حديد يكفينا
درجة رابعه ملانه غبار
وحرا فيها يا ستار
لما مالت غادي وجاي
نحنا فى أولى إترشينا
ومن إبداعات المهرجان السنوي آنذاك ظهور فرق تمثيلية متميزة وممثلين مبدعين من طلاب مدرسة أمكي الأولية وخاصة الذين أدوا الأدوار في تمثيليات " إبليس" و " مجاعة سنة 6 الشهيرة". وهكذا بقيت فينا ذكرى تلك الليالي بفضل الراحل المقيم الشيخ التجاني علي.
وبجانب تميزه الأكاديمي والمهني على أقرانه من أبناء جيله، عرفناه إنسانا طيبا بسيطا، بالرغم من جديته وصرامته وقوة شخصيته في تنفيذ المهام الوظيفية ، وعرف عنه أنه كان يفرق تماما بين العمل والواجب وبين العام والخاص وهو العميد لأسرة كبيرة ممتدة هي أسرة أولاد التجاني علي بعتمور بدار الرباطاب ، وفي خضم همومه وأعبائه الكثيرة كانت لنا خصوصية العلاقة معه كطلاب من أهله وأقاربه ، وكان يفتح لنا بيته عندما كان ناظرا في أمكي وكذلك بيته في عتمور كان مفتوحا للجميع، وكان يرعانا بأبوة وعطف وحنان، ومن أهم ما تعلمناه منه أستاذ الجيل، الفصل بين علاقات العمل والعلاقات الإنسانية الخاصة ، وكان قدوة لنا، خاصة وأنه من جيل الرواد.
ولعب الراحل المقيم الشيخ التجاني علي دورا كبيرا في تشجيع أبناء منطقة الرباطاب وحثهم على تعليم أبنائهم، وقد أقنع الكثيرين بفكره الثاقب بأهمية وضرورة التعليم لتأمين مستقبل الأبناء، وقد عمل جاهدا على إعادة الكثيرمن أبناء الرباطاب إلى مقاعد الدراسة  بعد أن هجروها ؛ خاصة وأن فكرة " أن التعليم يفسد الأولاد" التي أطلقها الإنجليز كان يتردد صداها حتى مطلع الخمسينيات من القرن الماضي الأمر الذي حرم الكثير من أبناء منطقة الرباطاب من مواصلة تعليمهم. وكان لجهود الراحل المقيم الأثر الكبير في ارتفاع نسبة أعداد المتعلمين في المنطقة وتقليل نسبة الأمية، ولم يكتف بذلك بل أنشأ مكتبة عتمور الثقافية بعد المعاش وكانت مكتبة عامرة أدت دورها الثقافي على أكمل وجه.
ويرجع إليه الفضل في تعليم أجيال وأجيال من منطقة عتمور بصفة خاصة ، وهو أول من أسس حلقة لمحو الأمية للرجال بداره بعتمور بالخلوة أم راو وكانت تحت إشراف أخوه الحسين التجاني علي، وكانت دارهم أولاد التجاني علي منتدى لشباب عتمور قبل تأسيس نادي عتمور الثقافي الرياضي الإجتماعي، وكذلك ساهم بفكره وجهده في تفجير طاقات الشباب في عتمور، وهو صاحب فكرة تكوين أول فريق رياضي في المنطقة ( فريق شباب عتمور) قبل تكوين فريق نادي عتمور الرياضي. 
وأمثال الراحل المقيم أستاذي و أستاذ الجيل الشيخ التجاني علي يمثلون مرحلة هامة كرواد للتعليم في منطقة الرباطاب ، ومن واجبنا نحوهم أن نقابل ما قدموا من عطاء بالوفاء؛ ولأهمية دور الراحل المقيم في خدمة التعليم بمنطقة الرباطاب عامة وفي عتمور خاصة؛ وكعهدي بهم أهل عتمور عيال الوسطى في دارالرباطاب بالسودان، كرموه تكريما لائقا في حياته، وهو بالطبع جدير بالتكريم والتقدير والإحترام أستاذ الجيل.
و تتكون أسرة الراحل المقيم أستاذ الجيل الشيخ التجاني علي من زوجاته: أم الحسن عبد الواحد عمارة و آسيا عبد الباسط محمد حميده. و له أبناء و بنات من زوجته الأولى أم الحسن عبد الواحد عمارة ( اللهم ارحمها  و ادخلها جنة الرضوان) و منهم:المرحوم عباس( له الرحمه) ، عبد الله ، و عبد الوهاب، الأستاذه إشراقه(الآن،مقيمة في سلطنة عمان) ، آسيا، آمال ، و أسماء. 
هذا وقد قضى أستاذ الجيل الشيخ التجاني علي معظم حياته في خدمة التعليم، وتنقل بين مناطق الرباطاب منذ مطلع الخمسينيات وحتى المعاش ، وبقي في عتمور مسقط رأسه حتى تكريمه، ثم انتقل إلى مزرعته في منطقة الهودي قريبا من عطبرة، وأدى فريضة الحج عام 2005م، وقضى أخر أيامه في عاصمة الحديد والنار عطبرة  حتى رحيله عن دنيانا الفانية في أغسطس 2011م. اللهم أرحمه وأدخله جنة الرضوان. وسلام في الخالدين أستاذ الجيل الشيخ التجاني علي.
E-mail: abdulhaleamibrahim@hotmail.com

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق